الفلك

كيف تتشكل الكواكب؟

 

من المذهل تخيّل الوقت الذي كانت فيه الأرض والكواكب الأخرى مجرّد غبار كوني لا غير، إلّا أنّ العلماء يتفقون على أنّ هذه هي الحالة التي كانت عليها الأشياء منذ (4.5) بليون عاماً. مثلاً، شمس مجموعتنا الشمسيّة كانت عبارة عن نجم غازي حديث الولادة، وتجمع باستمرار ليشكّل مزيداً من الكتلة عن طريق الجاذبية حيث يزداد الانصهار النووي الدّاخلي فيها. في ذلك الوقت، لم تكن قد تشكّلت أيّة مجموعة شمسيّة، وكانت لا تزال عبارة عن غيوم ضخمة من الجسيمات التي تدور ويطلق عليها "السديم الشمسي".
قام العلماء بدراسة تركيبة مجموعتنا الشمسيّة بصورة مفصّلة بحثاً عن مفاتيح الإجابة للتعرّف على كيفيّة تحوّل بقايا تلك الغازات والغبار لكواكب، وقاموا أيضاً بالنظر إلى المجموعة الشمسية في بدايات تكوّنها.
في أثناء تشكّل الشمس، فإنّ بقايا الغاز والغبار تحوّلت إلى ما يشبه القرص المسطّح الذي يدور حول الكواكب في أثناء مرحلة تكوينها، مع وجود كلّ هذا الحطام الذي يدور حولها، فإنّ الجسيمات الصخريّة بدأت بالتصادم لتشكّل بعد ذلك كتل أكثر ضخامة والتي جذبت مع مرور الوقت جسيمات أكثر بسبب الجاذبية، هذه الجسيمات تجمّعت بعد ذلك وتزايدت لتكوين الكويكبات. تصادمت هذه الكويكبات بدورها مع بعضها البعض لينتج عن عمليّة التصادم الكواكب الدّاخليّة والتي تعرف بصلابتها. في هذه الأثناء، تجمّد الغاز ليتحوّل إلى كرات ضخمة والتي شكّلت فيما بعد الكواكب الخارجية من مجموعتنا الشمسيّة.
هذا يدعونا للتساؤل التّالي: لماذا تشكّلت الكواكب الصخرية بالقرب من الشمس بينما تشكّلت الكواكب الغازيّة الضخمة بعيداً عنا؟ إنّ إحدى النظريات في تفسير ذلك تشمل الرّياح الشمسية والتي تعني تدفّق البلازما المنبعث من أحد النّجوم. ففي بدايات تكوّن الشمس، كانت هذه الرّياح أكثر قوّة مما هي عليه الآن، لقد كانت قويّة كفاية لتبعد العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم بعيداً عن المدارات الدّاخليّة، حتّى إذا وصلت هذه العناصر إلى المدارات الخارجيّة انخفضت قوّة هذه الرّياح، عندها، فإنّ جاذبيّة الكواكب الخارجيّة تسحب هذه العناصر بداخلها، لتحوّلها لشكلها الحاليّ الذي هو عبارة عن نواة صلبة من الصخور والجليد مغطاة بالغاز.
تفترض هذه النظرية أنّ الكواكب الخارجيّة طالما تواجدت في مدارات المجموعة الشمسيّة الدّاخليّة حتّى اكتشف علماء الفلك في العام 1995 كوكب المشتري الحارّ "العملاق الغازي" والذي يدور بالقرب من الشمس. دعا هذا الاكتشاف للبحث عن نظريات جديدة مثل أن تكون هذه الكواكب قد تشكّلت بعيداً عن مركز النجم في أيّ مجموعة شمسيّة ثمّ تحرّك مدار أكثر قرباً.
وضع العلماء نظرية مفادها أنّ مثل هذه المجرات المداريّة والتي تستمدّ قوّتها من جاذبيّة شديدة جدّاً مع أجسام كونيّة أخرى تأخذ مئات ملايين السنين، هذه المجرات قد تدمّر أيضاً في طريقها للكواكب الدّاخليّة الأصغر. في النهاية، كلّما عرفنا أكثر عن تركيب مجموعتنا الشمسيّة كلّما تعلّمنا عن كيفيّة تشكّل الكواكب.
 

 

 

المصدر 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية