الكيمياء

منهج جديد يسهّل العثور على أدوية جديدة

 

 توصّل العلماء إلى طريقة جديدة أكثر حساسية من الطرق المستخدمة حاليّاً لفحص المركبات مما يفتح المجال أمام إمكانية العثور على أدوية جديدة لكثير من الأمراض.
يأمل الباحثون من معهد فرانسيس كريك وجامعة مانشستر أن تساعدهم هذه التقنيّة على الإسراع في تطوير العقاقير وإيجاد استخدامات جديدة للأدوية والمركبات الأخرى الموجودة حاليّاً في الصيدليّات. نُشرت نتائج الدراسة في مجلّة "اتصالات الطبيعة" Nature Communications.
يُعتبر اكتشاف الأدوية من الصفر عملية طويلة وغير ناجحة في كثير من الأحيان، وهو ما يجعل شركات الأدوية والمختبرات الأكاديمية تُجري اختبارات أو "فحوصات" على الآلاف من المركبات الموجودة لمعرفة ما إذا كان لأيّ منها تأثير على هدف معروف. يمكن اختبار نتائج هذه الفحوصات أكثر لمعرفة ما إذا كان قابلة للاستخدام.
على الرغم من كون طرق الفحص التقليديّة مفيدة بشكل كبير لاختبار أعداد ضخمة من المركبات على الأهداف المنشودة، إلّا أنّها تعاني من بعض الضوابط، فهي ليست جيدة في تحديد المركبات التي تعمل في وجود المركّبات التنظيميّة فقط. طوّر الفريق في أحدث دراسة له طريقة جديدة للكشف عن المركّبات التفارغيّة "allosteric" التي تنظم نشاط الإنزيمات.
تُعتبر الإنزيمات جزيئات كبيرة ترتبط بجزيئات أصغر "ركائز" وتحوّلها إلى منتجات مفيدة تحتاجها الخلايا للبقاء على قيد الحياة. تعمل الإنزيمات في الخلايا والكائنات الحية في مسارات أيضية والتي تُعتبر ضرورية لتوليف وتحلل "الأيضات" metabolites الهامة لتوليد الطاقة.
تحتاج المسارات الأيضية مع ذلك إلى توفير كمية مناسبة من المنتجات في وقت معين، وهو ما يجعلها تحتاج أحياناً إلى أن يتم تشغيلها أو إيقافها مؤقتاً عند كمية المنتج الذي تم إنتاجه. تنظم المركبات اللامركزية نشاط الإنزيم عن طريق جعل الإنزيمات ترتبط بركائزها بشكل أكثر أو أقل كفاءة، أو عن طريق إبطاء أو تسريع معدل التفاعل. تُعرف المركبات التي تزيد من كفاءة الارتباط باسم منشطات المركّبات التفارغيّة، في حين تُعرف المركّبات التي تقلل منها باسم مثبطات المركّبات التفارغيّة.
عند وجود العديد من المركبات التفارغيّة، فإن الواحد منها يتنافس بحيث يكون له تأثير مهيمن على نشاط الإنزيم أو يكمل كل منهما الآخر لخلق تأثير أكبر. تدمج طرق الفحص التقليدية المركب الفردي مع الإنزيم وركائزه، فلا يساعد هذا الدمج على كشف الآثار التي تنطوي على أكثر من مركّب تفارغي واحد. تتضمن الطريقة الجديدة التي يطلق عليها "فحص مركب في وجود مثبط" CoSPI فحص الإنزيمات و ركائزها في ظلّ وجود مثبط تفارغي معروف لفحص ما إذا كان هناك تفاعل من قبل أي من مركبات الاختبار مع المثبّط.
يقول "لويز كارفالهو" وهو رئيس الفريق في معهد فرانسيس كريك: "تمتلك الإنزيمات المعززة وظائف هامة في جميع الكائنات الحية بدءً بالبكتيريا وانتهاءً بالبشر. نمتلك الآن طريقة محسنة لإيجاد أدوية جديدة يمكن أن تعمل من خلال استهداف هذه الإنزيمات".
أخذ الفريق إنزيماً موجوداً في بكتيريا السل (TB) والذي يقوم بتسريع الخطوة الأولى في تركيب الهيستيدين وهو حمض أميني ضروري للبشر وقاموا باختبار مركبات عليه في ظلّ وجود ركائزه ومثبط تفارغي معروف. اكتشف الفريق مركب تفارغي ينافس المثبط ويزيد بشكل كبير من نشاط الإنزيم لإظهار إمكانيّة "فحص مركب في وجود مثبط". توقف مركبات كهذا المنشّط التنظيم السليم للمسارات الأيضية و تستنزف الطاقة من البكتيريا حتّى تقضي عليها.
نحصل كبشر على الهستيدين من نظامنا الغذائي لأنّنا لا نمتلك هذا الأنزيم، لذلك فإنّه من الممكن أن تستخدم هذه المركبات لقتل بكتيريا السل دون الإضرار بالخلايا البشرية مما يجعلها دواءً جديداً ممكناً للسل ولغيره من أنواع العدوى البكتيرية .
يقول "سيزيرا دي كيارا" وهو باحث في معهد فرانسيس كريك: "تسمح لنا الطريقة التي نقوم بإتباعها بمعرفة كيفية تفاعل المركبات لتغيير نشاط الإنزيم في وقت مبكر". ويضيف: "يمكننا معرفة المزيد من المعلومات في عدد أقل من التجارب، مما يساعد على تسريع عملية اكتشاف هذا العقار".
 

 

 

 

المصدر 

 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية