الكيمياء

المحفزات تزيل مادّة "بيسفينول أ" من الماء بسرعة وفاعليّة

 

 

 

 طور الكيميائي "تيرنس ج. كولينز" من جامعة كارنيجي ميلون نهجاً يزيل أكثر من %99 من "بيسفينول أ" (BPA) من الماء بسرعة وبتكلفة زهيدة. تدخل مادّة "بيسفينول أ" (BPA) وهي مادة كيميائية خطيرة وواسعة الانتشار في صناعة العديد من منتجات البلاستيك ومصادر المياه في جميع أنحاء العالم.

جمع فريق البحث بقيادة كولينز والمتعاونين من جامعة أوكلاند وجامعة ولاية أوريغون في ورقة بحثيّة نُشرت في مجلّة "الكيمياء الخضراء" Green Chemistry أدلة على وجود " بيسفينول أ" (BPA) في العديد من منتجات ومصادر المياه بالإضافة إلى السميّة الكيميائيّة.
يبني فريق البحث قضيّة قوية تدعم ضرورة معالجة المياه الملوثة بمادّة "بيسفينول أ" (BPA) بطريقة فعّالة وخاصة عن طريق تيارات النفايات الصناعية ومكبّات النفايات السطحيّة وتوفر حلّاً بسيطاً لذلك.
تُعتبر مادّة " بيسفينول أ" (BPA) مادة كيميائية تُستخدم في المقام الأول في إنتاج بولي كربونات البلاستيك وصمغ الإيبوكسي. تُستخدم هذه المادّة على نطاق واسع جداً، فهي توجد في منتجات عدّة مثل أقراص الفيديو الرقمية وعدسات النظارات وماكينة تسجيل المدفوعات النقدية للمبالغ المستلمة، وهي منتجات يتعرض لها النّاس بالإضافة إلى الحياة البرية باستمرار.
تُعتبر مادّة " بيسفينول أ" (BPA) خطيرة كونها تحاكي هرمون الاستروجين وهو هرمون طبيعي ويمكن أن يؤثر على نظام الغدد الصماء في الجسم. أظهرت الدراسات في الأسماك والثدييات والخلايا البشرية أن مادّة " بيسفينول أ" (BPA) تؤثر سلباً على تطوّر الدماغ والجهاز العصبي والنمو والتمثيل الغذائي والجهاز التناسلي.
حفّزت المخاوف الناتجة عن الآثار الصحية لمادّة " بيسفينول أ" (BPA ) الشركات المصنعة على البدء في صنع منتجات خالية من هذه المادّة مثل زجاجات الأطفال وزجاجات المياه ابتداءً من عام 2010، لكنّ الغريب في الأمر أنّ العديد من بدائل هذه المادّة تمتلك سميّة مماثلة لها.
يقول كولينز وهو أستاذ الكيمياء الخضراء في كارنيجي ميلون: "لم يتم فحص بدائل مادّة "بيسفينول أ" (BPA) بشكل كاف على الأغلب رغم سهولة القيام بهذا الاختبار". ويضيف: "وضع فريق كبير من علماء الصحة البيئية والمختصّين في الكيمياء الخضراء نهج يسمّى "البروتوكول المتدرّج لتعطيل الغدد الصماء" (TiPED) لتحديد اضطرابات الغدد الصماء لأعلى مستويات من مستويات العلم المعاصر والذي قمنا بنشره في مجلّة "الكيمياء الخضراء" في عام 2013".
لا تزال مسألة التلوث بمادّة "بيسفينول أ" (BPA) والتخلّص منها تمثل تحدياً كبيراً مع وجود أكثر من 15 مليار رطل من مادّة "بيسفينول أ" (BPA)التي لا تزال تنتج سنوياً.
يقول كولينز: "لا يوجد مهرب من مادّة "بيسفينول أ" (BPA) لأي كائن حي". ويضيف: " يلقي الاستخدام العالمي الضخم لهذه المادّة بظلاله على البنية الأساسية لمعالجة المياه. لا تصل معظم إصدارات المياه التي تحتوي على هذه المادّة إلى أيّة منشأة لمعالجة المياه. يمتلك نهجنا قدرة عالية على أن يكون استراتيجية علاجية أفضل".
قد يتمّ علاج المياه الملوثة بمادّة "بيسفينول أ" (BPA) مثل النفايات الصناعية أو مدافن النفايات السطحيّة حاليّاً أو قد لا يتمّ علاجها قبل إطلاقها في البيئة أو محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
يقدم فريق كولينز حل بسيط وفعال و رخيص. ينطوي نظامهم على مجموعة من المحفزات التي يُطلق عليها محفّزات "روابط النشا الرباعي الماكرو دوريّة" (TAML-Tetra-amido macrocyclic ligands) وهي عبارة عن جزيئات صغيرة تحاكي الإنزيمات المؤكسدة. تقوم هذه المحفّزات بتكسير المواد الكيميائية الضارة في الماء عندما تقترن مع بيروكسيد الهيدروجين.
أوضح الباحثون في ورقة البحث الحاليّة والتي تتكوّن من 25 صفحة فعالية وسلامة هذه المحفّزات في تكسير مادّة "بيسفينول أ" (BPA). أدت إضافة المحفّزات وبيروكسيد الهيدروجين إلى المياه شديدة التلّوث بمادّة "بيسفينول أ" (BPA) إلى خفض تلك المادّة فيها بنسبة %99 في غضون 30 دقيقة في درجة حموضة قريبة من المحايدة وهو معيار درجة الحموضة لمعالجة المياه المستعملة.
تسببت معالجة المياه باستخدام هذه المحفّزات على هذا الرقم الهيدروجيني في جعل مادّة "بيسفينول أ" (BPA) تتجمّع في وحدات أكبر تسمى أوليغوميرس حيث تتجمع هذه الوحدات معاً وتخرج من الماء. يقول كولينز بأنّه يمكن تصفية هذه الوحدات والتخلص منها في منشأة معالجة المياه من مادّة "بيسفينول أ" (BPA) . وجدت دراسات موسّعة من قبل كولينز والمتعاونين معه أن وحدات أوليغوميرس ليست ضارّة بحدّ ذاتها، فطبيعة الروابط التي تجعل جزيئات مادّة "بيسفينول أ" (BPA)تلتصق معاً لا تسمح للأوليغومرات بالعودة إلى تلك المادّة.
فحص الباحثون المياه باستخدام مقاييس "البروتوكول المتدرّج لتعطيل الغدد الصماء" (TiPED) لضمان سلامة المياه الملوثة بما في ذلك الأوليغوميرس. وجد الباحثون أن المياه المعالجة لم تظهر نشاط هرمون الاستروجين أو تسبب تشوهات في الخميرة أو تطوّر أجنة سمك الداينو المخطط.
قام الباحثون باختبار فعالية معالجة هذه المياه عند درجة الحموضة 11. كان هناك انخفاض يزيد على %99.9 في في مادّة "بيسفينول أ" (BPA) الموجودة في المياه المعالجة في غضون 15 دقيقة عند هذا الرقم الهيدروجيني العالي، على عكس المعالجة على الرقم الهيدروجيني 8.5 ، حيث تم تدمير جزيئات مادّة "بيسفينول أ" (BPA)ولكنّه لم يتم الكشف عن وحدات الأوليغوميرس.
يقول كولينز: "نظرا لأن معالجة (TAML) - بيروكسيد الهيدروجين تزيل (BPA) من الماء بسهولة على تركيزات تشبه مجموعة متنوعة من توجّهات التخلّص من النفايات بما في ذلك حلول معالجة الورق ومرشح مكب النفايات، يمكننا الآن تقديم إجراء بسيط وجديد للحد من التعرض لمادّة (BPA) في جميع أنحاء العالم إذا افترضنا نقل الدراسات المختبرية إلى العالم الحقيقي".

 

 

 

المصدر

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية