الفلك

لماذا يهتمّ علماء الفلك بموجات الجاذبيّة (الموجات الثّقاليّة)؟

عندما تنظر للسّماء في ساعات اللّيل، سترى مشهدًا مجدّدًا للكون، سترى إشعاعات إلكترومغناطيسيّة (ضوءاً) على بُعد أطوال موجيّة ضوئيّة من أجسام كالنّجوم. لو استطاعت عينك أن تُبصر موجات الرّاديو لرأيت صورة مُختلفة كُلّيًّا للكون عن تلك الّتي تراها الآن. يختلف مصدر ضوء الرّاديو عن مصدر الضّوء البصريّ، علماء الفلك أرادوا بناء أنواع مختلفة من التّليسكوبات للتّمكّن من رؤية كلّ الإشعاعات الإلكترومغناطيسيّة. يمكنك أنْ ترى المجرّة من أطوال موجيّة ضوئيّة مختلفة هنا، ويمكنك ملاحظة أنّ المشهد الّذي تراه يختلف بالاعتماد على التّليسكوب الّذي بنيته.
نظر علماء الفلك للكون عبر تاريخ هذا العلم من منظور إلكترومغناطيسيّ، ولكن منذ عدّة عقود أراد هؤلاء العلماء النّظر إليه من منظور جديد، ألا وهو جاذبيّ. الأمواج الجاذبيّة (الثّقاليّة)، بعكس الأمواج الإلكترومغناطيسيّة، هي عبارة عن تغيّرات طفيفة في الزّمكانيّة الّتي تجعل الأجسام تقترب بعضها  من بعضها وتبتعد بعضها عن بعضها مسافات صغيرة جدًّا.تنباؤا بهذه الأمواج من النظريّة النّسبيّة العامّة لآينشتاين، وهذا الرّصد يُشكّل إثباتًا داعمًا للنّظريّة. إنّ مصادر الأمواج الجاذبيّة (الثّقاليّة) غريبة جدًّا، والمصدر الأبرز هو دمج جسمين معًا، كنجوم النّيوترون أو الثّقوب السّوداء في مسار فلكي مُغلق. عندما تدور هذه الأجسام حول بعضها، تُطلق الأمواج الجاذبيّة (الثّقاليّة) من هذه المجموعة. ولأنّ الطّاقة قد خرجت من المجموعة، تصغر الدّورة حتّى يندمج الجسمان معًا بشكل قويّ. ستسمح لنا مُراقبة الأمواج الجاذبيّة (الثّقاليّة) بدراسة ديناميكيّة هذا النّظام على موازين مُختلفة.
في الحادي عشر من شباط من عام 2016، أعلنت ليغو (LIGO)، وهي اختصار لمرصد لأموا ج الجاذبيّة (الثّقاليّة ) بالولايات المتّحدة الأمريكيّة،  عن رصد أمواج جاذبيّة (ثقاليّة) من ثُقب أسود ثُنائيّ. هذا أوّل رصد ملموس لنظام ثقب أسود مُضاعف، واعتُبِرَ الثّقبان من أكبر الكتل النّجميّة الّتي رصدت من قبل. راقبو الكتلة الّتي ظهرت من هذا التّصادم، ووجدوا بأنّها أقلٌ ممّا كانت عليه، ممّا يعني بأنّ هذا الاختلاف في الكتلة حوٌل إلى طاقة خرجت من المجموعة عند اندماج الجسمين (يساوي 5000 سوبرنوفا) على شكل أمواج ثقاليّة. قاسوا أيضًا  محور الثّقب الأسود الأخير، نسبة اندماج الثّقوب السّوداء، والكثير أيضًا. العلماء، مثل الليغو، يأملون وجود أحداث أُخرى كهذه ليتمكّنوا من بناء مشهد للكون من منظور الأمواج الجاذبيّة أو الثّقاليّة.

 

 

المصدر

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية