
تقوم درجات الحرارة المنخفضة بتبريد الغيوم مساءًا ممّا يؤدّي إلى هبوب رياح مضطربة تتسبب بعواصف ثلجية سريعة على الكوكب الأحمر وفقاً لما تقترحه المحاكاة الجديدة. قد تثير هذه العملية والتي تمّ الحديث عنها في الحادي والعشرين من آب لعام 2017 في دوريّة "علوم جيولوجيا الطبيعة" Nature Geoscience إثر ملاحظات مفاجئة لتساقط الثلوج قام بجمعها مسبار تابع لوكالة ناسا على سطح المرّيخ.
يقول "بول هاين" وهو عالم جيوفيزيائي في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا في مدينة باسادينا في كاليفورنيا والذي لم يشارك في البحث: "أصبحت السحب والثلوج في السنوات الأخيرة عوامل مركزية في دورة المياه ومناخ المريخ". تمكنت الدراسة الجديدة من تصوير تساقط الثلوج بطريقة سريعة عن طريق تقديم محاكاة أكثر دقّة للمناخ مقارنة بالمحاكاة السابقة. يقول هاين بأنّ هذا يشكّل دليلاً على أنّنا بحاجة إلى بيانات الطقس على نطاق محلي لفهم أهم جوانب مناخ المريخ.
تُظهر عمليات رصد الأقمار الصناعية بأن الثلوج المكوّنة من الماء وثاني أكسيد الكربون تغطي أعمدة المريخ. اكتشف مسبار بعثة فينيكس التّابع لناسا وجود أثر لتساقط الثلوج أسفل سحابة ليلية من الجليد المائي في عام 2008. كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها العلماء أدلة على تساقط الثلوج على المريخ.
كان العلماء يعتقدون أن الثلوج الموجودة على الكوكب الأحمر قد تشكّلت بطريقة متشابهة لتلك المتشكّلة على سطح الأرض وذلك عن طريق اصطدام جزيئات الجليد في السحب لتلتصق معاً ثم تصبح في نهاية المطاف ثقيلة بما فيه الكفاية لتسقط على الأرض، إلّا أنّ بخار الماء في غيوم المرّيخ أقلّ كما أنّ جاذبيّته أقلّ من جاذبيّة الأرض. يعني هذا أنّ الثلوج قد تتساقط هناك ببطء شديد لتفسير ملاحظات مسبار فينيكس. يتساءل "أيميريك سبيغا" من جامعة بيير وماري كوري في باريس وزملاؤه عما سيحدث لو أخذت المحاكاة اضطرابات الرياح الإقليمية أو المحلية أو التغيرات القوية في درجة الحرارة التي كثيرًا ما تصاحب العواصف الثلجية على الأرض في الحسبان.
وجد الفريق من خلال النظر في الاختلافات في درجات الحرارة في طبقات الغلاف الجوي للمريخ أن ليل المريخ البارد يمكن أن يحفّز ظهور أعمدة الثلج المتساقطة بسرعة. تشبه هذه الأعمدة بنية الغيوم التي تشبه الشرائط وهطول الأمطار كما رصده مسبار فينيكس. تقوم درجات الحرارة المنخفضة بتبريد غيوم المياه المتجمّدة بدلاً من تحوّل جزيئات الماء الجليديّة ببطء إلى ثلوج لتتساقط بعدها. يخلق هذا رياحاً قوية تدفع بلورات الماء الجليديّة نحو الأرض مما يتسبب في تساقط سريع للثلوج. تتكوّن عواصف مماثلة على الأرض إلّا أنّه لم يكن واضحاً أنّ مثل هذه العواصف قد تحدث على المرّيخ.
يقول سبيغا أن المحاكاة تطابق الاختلافات الموجودة في السحب وتساقط الثلوج المتوافرة من ملاحظات مسبار فينيكس وتُقدّم تفسيرًا مباشرًا لكيفية تشكّل الثلج. يقول سبيغا إنه ومن أجل الوصول إلى سطح المريخ فإنّه سيتعين على الثلوج التساقط من السحب المنخفضة على بعد كيلومتر واحد أو اثنين فوق سطح المريخ، أو أن تكون الجبال والتضاريس الأخرى على ارتفاع عالٍ في السماء، كي لا تتسامى الثلوج وتتحول من رقائق إلى بخار ماء قبل وصولها إلى الأرض.
يقول هاين: "يُعتبر هذا اكتشافاً مهمّاً لأنه يسمح لنا بفهم الظروف التي يمكن أن تترسّب فيها المياه المجمّدة على السطح".
يقول سبيغا إن النتيجة قد تتطلب من الباحثين إعادة التفكير في دور الغيوم المائية الجليدية في إثارة الغلاف الجوي السفلي لكوكب المريخ. يعتقد العلماء أن السحب كانت ثابتة إلى حد ما، ولكن النتائج تُظهر أن اختلاط المياه في هذه الارتفاعات المنخفضة "لا يحصل كما كنّا نظنّ" كما يقول سبيغا. إن إضافة هذه الحركة من المياه إلى نماذج مناخ المريخ يمكن أن يعطي أدلة على كيفية تحرك المياه حول الكوكب حاليّاً وكيف تجف مع مرور الوقت.
المصدر