
تنخفض درجة الحرارة عند الابتعاد عن مصدرها، لكنّ ذلك لا يحصل في الغلاف الجوّي الشمسي.
هناك الكثير من الطرق لدراسة الشمس كما تُظهّر هذه الفسيفساء ذات الطول الموجي المتعدّد والصادرة عن مرصد ديناميكا الشمس NASA’s Solar Dynamics Observatory. سيقوم الفيزيائيّون باستخدام كلّ الطرق الممكنة لمعرفة سبب كون الهالة الشمسيّة مرتفعة الحرارة خلال الكسوف الشمسي القادم.مركز غودارد لرحلات الفضاء (NASA GODDARD SPACE FLIGHT CENTER).
يضيء كسوف الشمس الكلي الغلاف الجوّي الشمسي دائم الحركة. يتاح لنا عند قيام القمر بحجب الشمس رؤية كيفيّة اصطفاف هذه السحابة المنتشرة من البلازما والتي يُطلق عليها "هالة الشمس" على هيئة حلقات جميلة. تبلغ كثافة المواد هناك حوالي تريليون كثافة سطح الشمس. يجعلك مظهر الهالة الشمسيّة الناعم والشفاف تعتقد بأنّ ذلك هو المكان الذي تنخفض فيه درجة حرارة الشمس.يُعتبر هذا الاعتقاد خاطئاً تماماً، فالهالة الشمسيّة هي بمثابة جحيم ترتفع فيه درجة الحرارة من بضعة آلاف إلى عدة ملايين درجة.
فما هو السبب الكامن وراء هذه الظاهرة؟
يقول "بول بريانز" من "المرصد العالي في المركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي" في بولدر في مدينة كولورادو: "إنّ هذا هو أحد الأسئلة التي لم نجد لها حلّاً حتّى الآن في مختلف مجالات فيزياء الطاقة الشمسية". يضيف بريانز: "هناك مجموعة من الأفكار المختلفة حول ما يجري هناك، ولكنّها لا تتعدّى كونها أفكاراً قابلة للنقاش". قد تساعدنا البيانات التي تم جمعها خلال الكسوف الشمسي الحاصل في الحادي والعشرين من آب لعام 2017 في التوصّل إلى بعض الإجابات.
تبلغ درجة حرارة غلاف الشمس الضوئي Photosphere وهو السطح المرئي للشمس حوالي 5,500 درجة مئوية. يسخن الغاز الموجود فوق هذا الغلاف إلى 10,000 درجة مئوية. ترتفع درجة الحرارة في هالة الشمس إلى عدة ملايين درجة بشكل مفاجئ.
يقول بريانز: "من غير المتوقّع أن ترتفع درجة الحرارة كلما ابتعدنا عن مصدر الحرارة". إن انتشار الهالة الشمسيّة يجعل مسألة الحرارة هناك أكثر غرابة. إنّ أهم الطرق الأساسية لتسخين أيّ مادة تعتمد على الجسيمات التي تتصادم ببعضها البعض، إلّا أنّ طبيعة الهالة الشمسيّة غير الثابتة لا تسمح بذلك.
كشف كسوف الشمس عن هذا الترتيب غير الطبيعي. لاحظ الفلكي الألماني "والتر غروتريان" الخطوط الطيفية، وهي بمثابة بصمات للعناصر التي تظهر عند انقسام الضوء إلى أطوال الموجة المكونة له، والتي تنبعث من الهالة الشمسيّة خلال كسوف الشمس الكلي في عام 1869.
افترض علماء الفلك في بداية الأمر أن هذه الخطوط ما هي إلّا نتيجة لعنصر جديد أطلقوا عليه اسم "التاج" Coronium. أدرك غروتريان أن ذرات الحديد التي تمّ تجريدها من العديد من الإلكترونات بسبب الحرارة لعبت دوراً في ذلك. لا تزال خطوط الحديد هذه والموجودة في الهالة تستخدم لقياس درجة حرارتها، فكلّما تمّ فقد المزيد من الإلكترونات، كلّما ارتفعت درجة حرارة المواد في الهالة الشمسيّة.
إنّ لدرجات الحرارة المتطرفة هذه علاقة بالمجال المغناطيسي للهالة الشمسيّة، وهو المكان الذي يتمّ فيه تخزين كل تلك الطاقة على الأرجح. لا تستطيع الهالة إطلاق تلك الطاقة بعيداً عند وصول الطاقة هناك، وهو ما يجعل الطاقة تتراكم في ذلك المكان. إنّ معظم الطرق التي تطلق فيها المواد الطاقة والتي يتمّ من خلالها تجريد الإلكترونات والتي تسرّع ذرّات تلك الإلكترونات كي يتمّ إطلاق الأشعة السينية والجسيمات فوق البنفسجية الضوئيّة هي بالفعل الحد الأقصى للهالة الشمسيّة.
المصدر